responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 401
بالآيات والنذر إلا الجاحدون الذين لم يتمكن الإيمان فى قلوبهم، والله تبارك وتعالى يقول: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [يونس: 101]. ولو أن المسلمين راجعوا تاريخهم وتاريخ الأمم السابقة والمعاصرة وأنعموا فى ذلك النظر لخلصوا بكثير من العبر، ولاستطاعوا أن يجدوا فى صفحات التاريخ دروسا وافية تدفعهم إلى العمل وتجنبهم الأخطاء والزلل، ولو ذهب الباحث يستقصى ذلك لأعجزه حصره، ولقد علم الناس لو يتعلمون.
ولا نريد أن نفيض فى ذكر حوادث التاريخ وعبره فذلك ما لا يستطاع، ولكنا نلفت أنظار المسلمين إلى عبرتين واضحتين فى التاريخ الحديث: واحدة تتصل بتاريخهم وحياتهم، والثانية تتصل بتاريخ غيرهم وحياته.

[عبرة من تاريخ المسلمين المعاصر]
قامت الحرب العالمية الماضية سنة 1914 - 1918 وللمسلمين حكومة جامعة، ودولة واسعة، ووحدة قائمة، وإن كان قد دب فى ذلك كله: الضعف والوهن، ولكنهم زادوا هذا الضعف ضعفا بتفرقهم وتباغضهم وتحاقدهم؛ ونسيانهم الأخوة الإسلامية، ورابطة الدين والعقيدة التى هى أقدس الروابط وأوثق الوشائج والصلات، ودب فيهم دبيب الفكرة العنصرية، فالأتراك يحاولون تتريك عناصر الدولة، وإظهار الشعائر (الطورانية) [1]، والعرب يحلمون بالاستقلال على أساس من الوحدة العربية، وبذلك دب إلى النفوس الإسلامية داء الأمم من قبل: البغضاء وفساد ذات البين التى تفسد أمر الدنيا والدين، وهبت عواصف الحرب فزادت دسائسها ومكائدها النفوس جفوة وتباعدا، وكان أن ثار العرب على الحكومة التركية، وصار المسلمون قسمين، كل قسم إلى وصف عدو من أعداء دينهم وقوتهم وجامعتهم، وانتهت الحرب بتفريق جامعتهم، وضياع الرسم الباقى من خلافتهم وانحلال حكومتهم، وكان ذلك جزاء وفاقا بما كسبت أيديهم، ومثلة منذرة بعاقبة المقصرين المفرطين.
هذه عبرة من تاريخنا يجب أن نطيل إليها النظر فى هذا العصر الذى لا يعيش فيه إلا الأمم القوية بعددها وعددها ورابطتها وإيمانها، ونعمل جاهدين لإحياء الجامعة الإسلامية

[1] أى إحياء العادات واللغة التركية، وتغليبها على العربية، عصبية للجنس التركى.
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 401
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست